تعتبر الجريمة الدولية في القانون الدولي الجنائي من أهم القضايا التي تهتم بها الحكومات والمتخصصين في القانون الدولي، أي تشكل هذه الجرائم خطورة على النظام القانوني الدولي؛ لما تؤدي من تهديد لمصالح يحميها القانون الدولي، ويحرص القانون الدولي على معاقبة كل فرد ينتهك حدود المجتمع الدولي ويهدد أمنه.
تعريف الجريمة الدولية
هي فعل إجرامي يرتكبه الفرد ويخل بقواعد القانون الدولي؛ ويؤدي ذلك الفعل إلى ضرر بالمصالح التي يحفظها ذلك القانون؛ ويؤدي هذا الفعل إلى ضرر أكثر من دولة، فيندرج ذلك الفعل تحت مسمى الجريمة مع تحديد جزاء مناسب لفاعله.
اقرأ أيضًا: بحث مُتكامل حول القانون الجنائي العام
تطور الجريمة الدولية
تعتبر الجريمة الدولية في القانون الدولي الجنائي من المفاهيم الحديثة التي تتصل بتحديثات قواعد القانون الدولي، ففي البداية كانت القاعدة السائدة هي معاهدات السلام التي تعقد أثناء الحرب، ولكن مع ازدهار الثورة الصناعية، وحداثة التقنيات التي تستخدم في القتل؛ بدأت الدول تهتم بوضع قواعد قانونية لضبط الجرائم الدولية، وتحديد عقوبات للأفراد التي تهدد أمن المجتمع.
أنواع الجرائم الدولية
تحديد أهم الجرائم الدولية وفقًا لقواعد القانون الدولي، وهي:
جرائم الحرب
هي أفعال تصدر من أفراد طبيعية منضمين إلى أحد أطراف الحرب، وتكون تلك الحرب ضد أفراد أو ممتلكات الدولة، ويتضح أن تلك الحروب والنزاعات تؤثر على الدولة وتنتهك اتفاقية لاهاي وجنيف، وكانت النظرة إلى جرائم الحرب تنحصر في الحروب الدولية المسلحة.
ولكن التحديثات الأخيرة أدت إلى النظرة إلى الحروب الدولية بشكل أدق؛ فأصبح القانون الدولي يضم انتهاكات قوانين الحرب والأعراف، ومن هذه الانتهاكات (القتل، والمعاملة الغير أدمية، والتجارب البيولوجية، وغيرها من الانتهاكات التي تحدث في حقوق الأفراد أو الدولة).
تعرف على: أحدث عناوين في بحوث القانون الدولي الجنائي
جرائم إبادة الجنس
تعتبر جرائم إبادة الجنس ليست حديثة مثل مفهومها، فقد بدأ ظهورها في حروب الغزو التي كانت عبارة عن مذابح تجرى ضد الطرف المهزوم؛ فأدى ذلك الأمر إلى وضع قواعد دولية تمنع جرائم إبادة الجنس، ومعاقبة مرتكب هذه الجريمة.
الجرائم ضد الإنسانية
تم الاعتراف بالجرائم المرتكبة ضد الإنسانية بعد ميثاق محكمة نورمبرغ التي تأسست بعد الحرب لمحاكمة الحزب النازي، فعرفت الجرائم ضد الإنسانية بأنها تصرفات ضارة تتمثل في إبادة، وتعذيب، وقتل، وغيرها من التصرفات المجرمة.
جريمة العدوان
تعتبر جريمة العدوان من أكثر الجرائم خطر على الأطلاق، فهي جريمة تضم جميع الجرائم الكبرى، فيرتكب وقت حدوثها الكثير من الجرائم المضرة مثل جرائم الحرب، والإبادة، والجرائم ضد الإنسانية، وقد حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة تعريف العدوان بأنه عبارة عن استعمال أسلحة من خلال دولة ضد دولة أخرى؛ مما يهدد استقلالها السياسي والإقليمي، واعتبرت الأمم المتحدة أن الحروب العدوانية جريمة ضد السلم الدولي.
أركان الجريمة الدولية
هناك عناصر لابد من توافرها في الجريمة الدولية في القانون الدولي الجنائي؛ لكي تعد جريمة دولية يعاقب عليها القانون الدولي الجنائي، والتي تتمثل في الأركان التالية:
الركن الشرعي
يعرف بالركن القانوني للجريمة، ويتحقق عند وجود نص قانون يجرم السلوك المرتكب ويبين أركانه، وأسباب حدوثه، وتحديد العقوبة المستحقة لهذا السلوك، فهذا الركن يقوم على مبدأ لا جريمة أو عقوبة إلا بنص تشريعي، وتعد جرائم القانون الدولي مختلفة كليًا عن جرائم القانون الوطني، باعتبار القانون الدولي عرفي أي ليس قانون مكتوب؛ لذلك يقوم القانون الدولي بالاعتماد على القانون العرفي لتحديد السلوك الذي يعد جريمة معاقب عليها.
الركن المادي
إن الشكل الظاهر للجريمة يمثل الركن المادي، أي يتبين من الفعل المجرم الذي يعد جريمة، ويؤدي إلى حدوث ضرر للمصالح الدولية، ويضم الركن المادي كل عناصر تكوين الجريمة، ويتكون الفعل المجرم من فعل إيجابي يتمثل في عمل سلوك مجرم يعاقب عليه القانون، أو فعل سلبي يتمثل في تكليف القوانين الدولية الدولة بعمل فعل محدد فتتفادى الدولة فعل التكليف أو فعل بالامتناع، ويتمثل في امتناع الدولة عن القيام بفعل كان حدوثه يمنع الجريمة، وتضم العناصر المادية للجريمة الفعل، والنتيجة، وعلاقة السببية.
الركن المعنوي
يقصد به توجيه نية الفرد لارتكاب الجريمة الدولية، أي يتكون العنصر المعنوي من عنصر العلم، ويتمثل في علم الفرد بالنتائج التي تحدث من هذا السلوك، والإرادة، وتتمثل في اتجاه إرادة الفرد نحو فعل السلوك رغم علمه بالنتائج، وهو ما يعرف في الجريمة الدولية بالقصد الجرمي؛ ويؤدي ذلك السلوك إلى تهديد أمن وسلامة المجتمع الدولي.
الركن الدولي
تتسم الجرائم الدولية باختلافها عن جرائم القانون الوطني الذي يعاقب عليها القانون، ويقصد بالركن الدولي هو تحريم أي سلوك يضر بمصالح المجتمع الدولي، ويؤدي إلى انتهاك قيم المجتمع الدولي سواءً كان الفعل صادر من فرد أو دولة أو مجتمع، ويتكون الركن الدولي من عنصر شخصي يتمثل في ارتكاب الفرد لسلوك مجرم باسم الدولة أو بمعرفتها، وعنصر موضوعي يتمثل في المصلحة العامة للمجتمع الدولي.
احصل على: معلومات وافية حول فروع القانون الجنائي
.jpg)
الأثار القانونية للجريمة الدولية وسبل مكافحتها
✯يحدد المجتمع الدولي مجموعة من الآثار القانونية التي تحدث نتيجة الجريمة الدولية
✯في القانون الدولي الجنائي، وهي:
✯مشروعية التسليم.
✯إلغاء مبدأ التقادم من التطبيق.
✯إلغاء العفو من التطبيق.
✯إلغاء الحصانة للفرد مرتكب الجريمة.
مبادئ تنظيم الجرائم الدولية
وبدأت الدول بعد الحرب العالمية الثانية في وضع قواعد قانونية لمواجهة الجريمة الدولية في القانون الدولي الجنائي، وتحديد العقاب المناسب لكل جريمة، وقد تم تحديد الجرائم الدولية التي يعاقب عليها القانون، والتي تضم جرائم الحرب، وجرائم ضد السلام، وجرائم ضد الإنسانية، ثم وضعت المبادئ التي تنظم موضوع المسؤولية الشخصية عن الجرائم وهي:
اعتبار كل فرد يقوم بفعل مجرم بحسب قواعد القانون الدولي؛ فيعرض للمسألة القانونية والعقاب (المسؤولية الدولية للفرد).
إن ارتكاب الفرد لجريمة لا يعاقب عليها القانون الداخلي، ولكن بحسب القانون الدولي فهي جناية دولية؛ فذلك يؤدي إلى معاقبة الفرد بحسب القانون الدولي ولا يعفي القانون الداخلي عنه (سيادة القانون الدولي على القانون الداخلي).
✯إلغاء الحصانة للفرد مرتكب الجريمة الدولية.
✯إلغاء الإعفاء، فارتكاب الجرائم بناءً على الرغبة لا يعفي الفرد من المسؤولية ولا يمكن الإعفاء عنه.
✯يحق لكل فرد مرتكب جريمة أن يتم محاكمته بشكل عادل.
✯يعد الفرد المشترك في الجريمة الدولية مسؤول مسؤولية جنائية عن الفعل الذي ارتكبه، فيعتبر كل مشارك فاعل أصلي.
طرق مكافحة هذه الجرائم
تحتاج الجرائم إلى مواجهة لمكافحتها؛ لذلك جميع الدول مسؤولة قانونيًا بالتصدي لتلك الجريمة الدولية في القانون الدولي الجنائي، وتتلخص تلك المسؤولية فيما يلي:
✯ينبغي على جميع الدول اتخاذ إجراءات تشريعية تفرض عقوبات على الأفراد مرتكبة الجرائم.
✯يتعين على الأفراد الملزمين بالقبض على مرتكبي الجرائم، وتسليمهم إلى المحاكمة وفقًا للقواعد التشريعية.
تابع قرءاة موضوعنا: عرض شامل حول تعريف القانون الجنائي الخاص
أساس المسؤولية الدولية
لا تقوم المسؤولية الجنائية إلا إذا تطابق السلوك المجرم مع النص التشريعي، أي لا يمكن وجود مسؤولية دولية بمجرد ارتكاب سلوك مجرم، ولكن لابد من وجود قاعدة جنائية دولية، بالإضافة إلى نسب الفعل لمرتكبه، ووجود ارتباط بين الفاعل وفعله.
حدد الفقه الدولي أساس المسؤولية الدولية في الجريمة الدولية في القانون الدولي الجنائي بناءً على اتجاهين وهما:
الاتجاه الأول
يتبنى هذا الاتجاه نظرية الخطأ، والتي تتمثل في أن الدولة مسؤولة ما لم ترتكب خطأ يضر بمصالح الدول الأخرى، وأن هذا الفعل إما أن يكون مقصودًا، أو يكون إهمالًا غير مقصود، وفي الحالتين تكون هناك مسؤولية دولية.
وتم نقد هذا الاتجاه؛ لأنه اعتمد على الخطأ، وهي فكرة نفسية لا يمكن أن تناسب القاعدة القانونية للدولة؛ لذلك من الصعب تطبيق هذه الاتجاه.
الاتجاه الثاني
يتبنى هذا الاتجاه فكرة المخاطر والمسؤولية الموضوعية، والتي تتمثل في مخالفة القانون الدولي بشكل موضوعي، بمعنى أنه يكفي أن تكون الدولة هي السبب في حدوث مخالفة للقانون الدولي من الناحية الموضوعية؛ وذلك لكي تتكون مسؤوليتها.
وقد حصل هذا الاتجاه على تأييد كبير من الفقه الدولي، وتأخذ بها محكمة العدل الدولية في أحكامها.
أركان المسؤولية الدولية
تتكون المسؤولية الدولية في الجريمة الدولية في القانوني الدولي الجنائي من ثلاث أركان وهما:
أن يكون العمل غير مشروع
يعد العمل غير المشروع من أهم الأركان لقيام المسؤولية الدولية، وهو بمثابة فعل ينتهك أحكام القانون الدولي العرفية والاتفاقية.
ويقصد بالفعل غير المشروع بأنه فعل ينسب لفرد القانون الدولي، ويتمثل في فعل أو امتناع عن فعل؛ مما ينشأ مخالفة للقواعد القانونية الملزمة.
نسبة الفعل غير المشروع إلى الدولة
ينسب السلوك غير المشروع في القانون الداخلي إلى شخص ما، متى يجوز قيام المسؤولية في مواجهته، أما في المسؤولية الدولية ينسب السلوك لشخص الدولة والتي لابد من تمتعها بالسيادة والأهلية القانونية.
الضرر
يقصد به في القانون الدولي، بأنه كل مخالفة أو انتهاك يحدث في حق أحد أفراد القانون الدولي، ويجتمع الفقه على إلزام وجود الضرر لقيام المسؤولية الدولية.
مفهوم الدعوى الجنائية الدولية
تعني قيام الدولة بدور النيابة العامة الدولية في توقيع العقوبة على الجاني، وذلك بواسطة إثبات وقوع الجريمة، ونسبتها إلى المتهم القائم بالفعل المخالف للقواعد الدولية.
مبدأ شرعية العقوبة
يعتبر مبدأ شرعية العقوبة من أهم الفروع في الجريمة الدولية في القانون الدولي الجنائي؛ لأنه يقوم على أساس التجريم والعقاب، فلا يمكن معاقبة شخص على فعل قام به، إلا بنص تشريعي يحرم ذلك، ويعد هذا المبدأ في الدول الديمقراطية من الشروط الأساسية في نطاق سيادة القانون.
تقادم العقوبة
يقصد بها انقضاء العقوبة المقررة بمرور فترة زمنية معينة تختلف من دولة لأخرى، فلا يجرى في حق الفرد الجاني تطبيق عقوبة، أو فرض تدابير وقائية، وذلك لانقضاء العقوبة بالتقادم.
الجرائم الدولية pdf
يعتبر موضوع الجرائم الدولية من أهم المواضيع التي تهتم بها الحكومات، فهذه الجرائم تعد انقلاب على نظام القانون الدولي.
المصادر والمرجع
إذا كنت تريد الحصول على المزيد من المعلومات عن International crimes
في النهاية يتبين أن مسألة الجرائم الدولية مازالت موضع خلاف، ومازال لا يوجد اتفاق على نوعية الجرائم الدولية، وقد تم توضيح الجريمة الدولية في القانون الدولي الجنائي، وتعريف الجريمة الدولية، وتطورها، وأنواعها، وأركانها، والآثار القانونية للجريمة الدولية وسبل مكافحتها، ومفهوم الدعوى الجنائية الدولية وأطرافها، ومبدأ شرعية العقوبة، وتقادم العقوبة، والجرائم الدولية pdf؛ وذلك ليتمكن باحث الدراسات العليا من إيجاد المعلومة قبل البدء في اختيار موضوع البحث شركة سندك تقدم مكتبة كتابة الرسائل العلمية يمكنك التواصل عبر الواتساب.