المنهج التاريخي في البحث العلمي (الإستخدامات- المراحل-الخطوات)

 وبلا شك فإن البحث العلمي الذي يجري على أساليب علمية سليمة قد أصبح أساسًا لكل تطور تنموي واع تقوم به الدول المتقدمة ومناهج البحث العلمي من القواعد الأساسية التي يقوم عليها البحث ومن أهم هذه المناهج المنهج التاريخي في البحث العلمي.

 

حيث تتواجد الكثير من المناهج التي يمكن أن يتعتمد عليها الباحثين في تنظيم أفكارهم من أجل الوصول الي نتائج مطلوبةوقد تقتصر مناهج البحث العلمي على أسلوب واحد مميز وواضح أو مجموعة من الأساليب ذات الخصائص المتشابهة.

 

يصعب علينا فهم الحاضر دون الرجوع على الماضي فالحياة الحاضرة هي امتداد طبيعي للحياة الماضية" هذا هو المبدأ الذي يسير عليه الباحثين الذين يستخدمون المنهج التاريخي في البحث العلمي حيث أنهم يتعلقون بتجارب الماضي بقصد تحليل بعض الظواهر التي لها جذور تاريخية في التجربة الإنسانية.

 

يتشكل التاريخ من الأحداث والوقائع والحقائق التاريخية التي حدثت في الماضي مرة واحدة ولن تتكرر ابدًا لذلك ظهرت أهمية وحتمية البحوث العلمية التاريخية التي تحاول بواسطة استخدام المنهج التاريخي أن تشكل أحداث الماضي في صورة حقائق علمية تاريخية لفكرة من الأفكار.

 

ويهدف البحث في المنهج التاريخي في البحث العلمي إلى صنع معرفة علمية من الماضي الإنساني ونعني باستخدام مصطلح (علمية) أي أنها تستند إلى طرق عقلانية توصلها إلى الحقيقة بقدر ما يسمح بذلك الظروف التي تخضع لها.

 

كان اكتشاف اللغة السنسكريتية في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي نقطة الانطلاق الحقيقية للمنهج التاريخي حيث أن القرن التاسع عشر شهد تطورًا في المفاهيم النظرية والمنهجية والحديثة لعلم اللغة التاريخي.  

 

أقرأ أيضاً: مناهج البحث العلمي انواعها واستخداماتها.

 

أهم رواد المنهج التاريخي في البحث العلمي

يعتبر الفارابي والغزالي وأبن خلدون والمقريزي من رواد المنهج التاريخي مع اختلاف وجهة نظر كل منهم، أما الفارابي فيؤمن بالمنهج التاريخي القائم على الملاحظة والوصف والتحليل والنقد ويشير إلى أن هناك التحول الاجتماعي عملية حتمية لها بدايتها ولها نهايتها.

أما الغزالي فكان يعتمد على مصادر في دراسة طبيعة الاجتماع الإنساني وهما المبادئ الأساسية للإسلام والأحداث الجارية سواء أكانت سياسية أو اجتماعية والتراث الاجتماعي الحضاري.

 

أما عن أبن خلدون فقد اعتمد في أبحاثه على تحليل أصل وجود المجتمع وحتمية حركته وتطوره عبر الأجيال والعصور ويعتقد أبن خلدون أن استمرارية المجتمع البشري في التغيير والتطور لها نتائجها الواضحة، أما عن المقريزي فقد تأثر بأبن خلدون في فهم وتحليل الظواهر الاجتماعية.

 

 تعددت التعريفات التي قدمها رواد هذا المنهج حيث أن من أكثر التعريفات انتشارا هي:

"المنهج التاريخي في البحث العلمي عبارة عن عملية منظمة من عمليات جمع البيانات وتقديمها بشكل موضوعي وتتصل هذه البيانات عادة بأحداث من الماضي. ويتم جمع هذه البيانات وتحليلها من أجل اختبار صحة الفروض التي تناولتها الدراسة والتي تخص الظاهرة أو أسباب تلك الأحداث أو تأثيرها."

 

ويعرف منهج البحث التاريخي بأنها "المراحل الي يسير عليها الباحث حتى يتوصل إلى الحقيقة التاريخية بقدر المستطاع وهو أيضًا هو منهج استردادي أو استرجاعي لأنه يحاول أن يسترجع ما جرت عليه أحداث التاريخ في مجرى الزمان فهو يحاول أن يسترجع ما حدث الماضي."

 

 وأخيرًا فإن المنهج التاريخي في البحث العلمي هو "المنهج الذي يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل ويتميز عن غيره من مناهج البحث بعدم إمكانية التحكم في أي متغير من المتغيرات ويرجع ذلك لعدم القدرة على التحكم بالمتغيرات المؤثرة في الماضي لحدوث الحدث وانتهاؤه."

 

للمنهج التاريخي في البحث العلمي أهمية كبيرة مما يجعل الباحث يستخدم هذا المنهج دون غيره من مناهج البحث العلمي ومن أهميته:

♦الكشف عن الأصول الحقيقية للنظريات والمبادئ العلمية فيما يتعلق بظروف نشأتها وتطورها.

♦الكشف عن العلاقة بين الظواهر سواء بين عناصر الظاهرة الواحدة أو علاقتها مع الظواهر الأخرى 

♦الكشف عن المشكلات والعقبات البحثية التي واجهت الباحثون في الماضي.

♦التعرف على الطرق التي اتبعوها للتغلب على المشكلة والاستفادة من تجاربهم وتجنب الأخطاء التي قاموا بها.

♦التعرف على البحوث السابقة ومعرفة تطور المشاكل وحلولها السابقة ودراسة إيجابيات وسلبيات هذه الحلول.

♦جمع المعارف السابقة وتحليلها وتصنيفها وإنشاء قواعد معرفية تمثل في مجملها الذاكرة العلمية للبشرية.

♦يساعدنا على حل المشاكل المعاصرة في ضوء على ضوء خبرات الماضي.

♦يمثل تكامل بينه وبين المنهج المقارن.

♦لا يقتصر المنهج التاريخي فقط على التأريخ للعلوم الاجتماعية فقط .

 

لا تفوت مقالنا عن : كيف تستخدم المنهج المُقارن في البحث العلمي.

 

يعتمد على ملاحظات الباحث وملاحظات شهود العيان.

لا يقف عند مجرد الوصف للأحداث فقط ولكن يقوم بتحليلها وتفسيرها أيضًا.

يختص أحيانًا بدراسة المجتمع في فترة زمنية معينة مثل فترات الحروب والأوبئة والثورات التي تؤثر على الأفراد.

يتصف بالشمولية لأنه يقوم بدراسة الماضي والحاضر.

 

يمتلك المنهج التاريخي مجموعة من الاستخدامات وهي:

1. يستخدم المنهج التاريخي في البحث العلمي في البحث في مجمل حياة البشر الماضية وما تشتمل عليه من علاقات بين الاحداث والمتغيرات في الفترات الزمنية المختلفة وبالذات العلاقات السببية المسئولة عن تطور وتغير الظواهر والأحداث عبر الزمن.

2. يستخدم المنهج التاريخي أيضًا في دراسات علم الأثار والجيولوجيا والتاريخ البشري لكي يتم استخلاص الحقائق المتعلقة بجميع الظواهر والأحداث عبر الزمن.

3. يمثل تكامل بينه وبين المنهج المقارن، ويساعدنا في التعرف على البحوث السابقة.

4. لا يقتصر استخدام المنهج التاريخي فقط على العلوم الاجتماعية بل ربما يتعدى أيضًا إلى العلوم الطبيعية والعسكرية والاقتصادية والسياسية أيضًا.

 

أقرأ أيضاً: المنهج الكيفي في البحث العلمي.

 

 

المرحلة الأولى اختيار موضوع البحث

أي طرح مشكلة تتعلق بالماضي يكون لها أهمية واقعية وجودية والباحث الجيد هو الذي يعرف كيف يختار المشكلة الحقيقية.

 

المرحلة الثانية جمع الحقائق والوثائق وتدوينها

يعتبر جمع المصادر التاريخية هي من وسائل الإجابة عن المشكلة لأن التاريخ يتم تدوينه بالوثائق حيث أنه إن لم يوجد وثائق لا يوجد تاريخ.

 

المرحلة الثالثة نقد الوقائع والحقائق

يتعلق نقد الوقائع بشخصية الباحث التاريخي وخياله المبدع وثقافته الواسعة وقوة ملاحظته وكل هذا يجعل النقد الوقائع أو الحقائق شيء شديد التعقيد.

 

حيث أن الباحث في هذه المرحلة يقوم الباحث بعملية فكرية تراجعية تكون نقطة الانطلاق فيها هي الوثيقة ونقطة الهدف فيها الواقعة التاريخية وبينهما سلسلة من الاستدلالات فيقوم الباحث بطرح تساؤلات حول مدى موضوعية الوثيقة ومدى تطابق معلوماتها مع معلومات وثائق أخرى.

 

وينقسم نقد مصادر المادة إلى جزئيين هما:

 نقد خارجي

حيث يهتم النقد الخارجي لمصادر المادة بالبراهين والأدلة من أجل إثبات صدق وثيقة ما وهذا يعني تاريخها ومكانها ومؤلفها الحقيقي وإرجاع ذلك كله إلى المصدر الأصلي فأحيانًا تكون هناك وثيقة غير مؤرخة ويتم وضع اسم مستعار لها مما يبعدها عن الصدق والموضوعية.

 

نقد داخلي

حيث أنه في حالة الـتأكد من صدق الوثيقة فإن المؤرخ يسعى إلى تأكيد بياناتها من مصادر جديرة بالثقة وتسمى هذه العملية بالنقد الداخلي، وإذا كان المصدر لنقل المعلومة هي الترجمة فيجب التأكد من أن الترجمة تنقل نفس المعنى الذي جاء في المصدر الأصلي.

 

أقرأ أيضاً : المنهج الكمي في البحث العلمي.

 

ما هي خطوات المنهج التاريخي 

يتبع المنهج التاريخي في البحث العلمي مجموعة من الإجراءات نفس الخطوات التي يتبعها أي نوع من أنواع البحث العلمي ولكنه يتميز بثلاثة ملامح تجعله مختلفًا عن المناهج الأخرى وتتلخص هذه الملامح في (مصادر المعلومات، نقد المعلومات، الفروض لحل المشكلة أو الظاهرة).

1.اختيار موضوع البحث التاريخي ويقصد هنا تحديد مكان وزمان الواقعة التاريخية والأشخاص التي دارت حولهم الحادثة كذلك نوع النشاط الذي يدور حوله البحث.

2.جمع البيانات والمعلومات التاريخية بعد الانتهاء من تحديد مكان وزمان موضوع البحث والمتعلقة بالظاهرة من قريب أو من بعيد وتنقسم إلى مصادر أولية ومصادر ثانوية.

3. نقد مصادر البيانات وهي مرحلة مهمة جدًا حيث يجب التأكد من مصادر المعلومات التي تم جمعها ليكون البحث أكثر مصداقية وأمانة.

4. صياغة الفروض وهي عبارة عن حل مؤقت لإشكالية البحث والذي على إثره تتم دراسة الموضوع.

5. تحليل الحقائق وتفسيرها وإعادة تركيبها هنا يتم تحليل الظاهرة الراهنة في ضوء النتائج التي قام بجمعها ثم تفسيرها تفسيرًا علمياً يبتعد عن الذاتية ويعتمد على نظرية معينة.

6. استخلاص النتائج وكتابة التقارير وتعتبر هذه اخر مرحلة في البحث حيث نكون توصلنا إلى استخلاص النتائج التي كان الباحث قد وضع لها فروضًا سابقة في البداية وكتابة تقريره النهائي عن الظاهرة المدروسة.

 

أقرأ أيضاً: دليلك لتحليل المحتوي في البحث العلمي.

 

 ما هي مصادر البحث التاريخي؟

تتعدد مصادر جمع المعلومات في البحث التاريخي حيث أن التاريخ مجال يتسع البحث فيه وتتعدد مصادره وسوف نستعرض لكم في هذا الجزء أهم هذه المصادر:

المصادر الأولية

تعتبر السجلات والوثائق المكتوبة والمخطوطات وأيضًا الأثار مثل الشواهد القديمة والأبنية والملابس والنقوش والصور واللوح القديمة من المصادر الأولية لجمع المعلومات في المنهج التاريخي.

 

المصادر الثانوية

أما عن المصادر الثانوية لجمع البيانات في المنهج التاريخي في البحث العلمي فتتمثل في:

•شهود العيان أي شهادات الأفراد الذين عاصروا الأحداث أو شاركوا فيها.

•المذكرات والسير الذاتية والتي إما أن يكون كتبها الشخص نفسه أو كتبت عنه .

•الدوريات والصحف والمجلات والمقالات التي تتناول الظاهرة مجال البحث.

•الدراسات السابقة والأدبيات التي تحتوي على معلومات بحثية هامة .

 

أدوات المنهج التاريخي

يستخدم البحث التاريخي العديد من الأدوات التي تستخدم لجمع البيانات من أهمها:

التحليل للمادة التاريخية من خلال استخدام وسائل تكنولوجية حديث للتأكد من صحة البيانات.

• الملاحظة الي تقوم على تحليل المصادر التاريخية.

مراعاة الاعتبارات التاريخية

صياغة الفروض في المادة التاريخية.

 

مميزات وعيوب المنهج التاريخي في البحث العلمي

عند دراسة أي من المناهج العلمية المتبعة في البحث العلمي نجد أن لها مميزات وعيوب تجعل من السهل أن نختار هذا المنهج عن غيره:

مميزات المنهج التاريخي

✔يعتبر منهج ناقد يبحث عن الحقيقة من خلال أسلوب علمي، ويتمثل ذلك في الشعور بالمشكلة وتحديدها وصياغة الفروض وتحليل النتائج وتفسيرها.

✔يمكن استخدام المنهج التاريخي أيضًا في مناهج البحث الأخرى مثل المنهج التجريبي والمنهج المقارن والمنهج التحليلي والمنهج الوصفي.

✔يكون اعتماده على النقد الداخلي والخارجي لمصادر جمع البيانات الأولية والثانوية.

✔قلة تكلفة جمع البيانات لأن الباحث في المنهج التاريخي لا يكون بحاجة استخدام أدوات بحث أو تجارب علمية أو عينات دراسية لأن أساس البحث عنده يعتمد على المراجع والكتب.

✔القدرة على التنبؤ بأحداث المستقبل حيث يستطيع الباحث التنبؤ لما ستؤدي اليه الظاهرة محل البحث وذلك استنادًا على ماضيها فالكثير من الباحثين يكون لهم توقعات بأحداث وتغيرات اقتصادية واجتماعية كبيرة.

✔القدرة على التحليل الدقيق للظاهرة لأن الباحث في هذا المنهج يقوم بتحليل الظاهرة من كل الجوانب المحيطة بها سواء أكانت هذه الظواهر اقتصادية أو اجتماعية او سياسية.

 

أقرأ ايضا: كيفية تنفيذ منهج المسح الاجتماعي.

 

 

عيوب المنهج التاريخي

✘صعوبة تطبيق المنهجية العلمية بجميع مراحلها المختلفة لتغيير الأحداث التاريخية وذلك لأسباب من أهمها طبيعة الحدث التاريخي وخصائصه ومصادر.

✘عدم قدرة الباحث على التأكد من صحة المصادر التي يأخذ منها المعلومات التاريخية والتي من المحتمل ان تكون نقطة ضعف لديه.

✘لا يمكن إعادة تجريب الحدث التاريخي مرة أخرى، وحتى إن تعرض للتزوير أو التحريف سيصعب إثبات حدوث ذلك من عدمه.

✘عدم قدرة الباحث من وضع خطة مستقبلية لبعض الظواهر والتنبؤ بها لأنه من الصعب تعميم النتائج نظرًا لاختلاف المجتمعات وطبيعتها.

✘هناك صعوبة كبيرة يجدها الباحث في الربط بين السبب والنتيجة بسبب تعقيد البيانات والمعلومات التاريخية التي يعتمد عليها الباحث في منهج البحث التاريخي.

 

المنهج التاريخي PDF

يمكنك أن تحصل علي معلومات اكثر من خلال تحميل المنهج التاريخي PDF لكي تقرأ المزيد من المعلومات المُفيدة حول منهج من أهم مناهج البحث العلمي.

 

المصادر والمراجع

 يمكنك قراءة : Historical Research  للحصول علي المزيد من المعلومات.

 

الخاتمة

في الختام نود ان نقول ان المنهج التاريخي من مناهج البحث العلمي الهام التي يستعين بها الباحث في العديد من الأبحاث من أجل الحصول على المعلومات التاريخية التي تخدم موضوع البحث الخاص به، ومن خلال هذا المقال نتمنى أن نكون قد قمنا بعرض مفيد لأهم جوانب واستخدامات وأدوات المنهج التاريخي.

 

يُسعدنا أن نقدم لك خدمتنا في أفضل مكاتب خدمات تعليمية سندك للإستشارات الأكاديمية والترجمة لنُساعدك في اختيار المنهج المُناسب والمثالي لدراستك تواصل معنا عبر الواتساب.