ما أسباب السرقة العلمية
يجب أن نعترف بانتشار ظاهرة السرقة العلمية في مؤسساتنا الجامعية والأكاديمية، ولا بد أيضًا أن نضع في اعتبارنا أن مستقبل البحث العلمي أصبح مهددًا مع تفشي تلك الظاهرة، لذا يجب أن نسلط الضوء عليها.
مفهوم السرقة العلمية:
تُعتبر السرقة العلمية مصطلحًا يتم استخدامه لوصف الطالب الذي يقوم بالغش بانتحاله أفكارًا أو معلومات أناس آخرين ويدَّعي أنها له، وهي صورة من صور النقل غير القانوني للأفكار والمعلومات، وهو عمل خاطئ سواء كان ذلك متعمَّدًا أم غير متعمَّدٍ، فمن المتوقع من كل طالب أن يقتفي أثر المعلومات ويتعرف عليها بداية من جذورها ويكون على دراية حين يستعين بأفكار الغير في بحثه. أسباب ظهور السرقة الأدبية:
-أن الطالب لا يَعرف كيف يصيغ الكلام بأسلوبه الخاص.
-أن الإنترنت أصبح مجالًا مفتوحًا وعامًا، لذلك يستخدم الطالب المعلومات التي يجدها متاحة أمامه.
-أن الطالب يريد أن يَحصل على أفضل درجة.
-أن الطالب يريد أن يُظهِر لأستاذه كم هو طالب جيد.
-أن الطالب لم يفهم الواجب المطلوب منه.
-أن المفردات التي لدى الطالب ليست غنية بما فيه الكفاية.
-أن الطالب ليس لديه الوقت الكافي للقيام بكل هذه الأعمال لتلك المقررات الكثيرة التي عليه إنجازها.
-أن والديه يتوقعان منه أن يَحصل على أفضل الدرجات.
-أن الكثير من الطلاب لا يفهمون معنى السرقة العلمية بأشكالها المختلفة.
-عدم تمرس بعض الباحثين وجهلهم بمنهجية البحث العلمي وأصوله ومتطلبات النزاهة الأكاديمية، أي عدم معرفة الطالب بالطرائق والمناهج الصحيحة لإنجاز البحوث العلمية وفقًا لقواعد الأمانة العلمية والنزاهة الأكاديمية التي تجنبه ارتكاب جريمة السرقة العلمية، ونتيجة جهله بتلك القواعد والمنهج يقع عن غير قصد في فخ السرقة العلمية.
كيف يكتشف الأستاذ السرقة العلمية؟
من السهل على الأساتذة الجامعيين التحقق من سرقة الطالب العلمية، فهناك برامج للتحقق مما إذا حدث نسخ لنصوص من الإنترنت أم لا، ويمكِن للأستاذ أيضًا أن يكتشف إذا كان هناك نقل من الإنترنت بمجرد البحث عن جملة أو مجموعة كلمات، ومعظم الأساتذة يقرؤون كتبًا ومجلات علمية وتقارير ومقالات على الإنترنت، فهم يَعرفون ما يتم كتابته في مجالات تخصصهم، وهم في الوقت نفسه قد قاموا بقراءة الكثير من البحوث التي كتبها طلاب آخرون، فلديهم فكرة جيدة عما سيكتبه الطلاب.
وتستند معظم كتابات الطلاب على كتبهم المقررة والقراءات التي تم تكليفهم بها، وكلها تستعمل مفردات وتراكيب للجملة مشتركة، وإذا وجد الأستاذ أن جزءًا من بحث الطالب يشذ عن بقية البحث فقد يساوره الشك.
ويشترك بعض الأساتذة والكليات والأقسام في استخدام المواقع التي تقدِّم خدمة مكافحة السرقة العلمية، حيث يتمكنون من مقارنة البحوث التي يتم تقديمها مع ما تم نشره على شبكة الإنترنت في أنحاء العالم كافة، وفي المجلات العلمية الإلكترونية وقواعد البيانات، وهذا يعطي حصرًا للعبارات التي تبدو أنها منقولة.
أنواع السرقة العلمية:
-الاقتباس الحرفي: وهو أن يتم نقل أفكار الآخرين بصور مباشرة دون اعتراف واضح صريح.
-اقتباس إعادة الصياغة: وذلك بتغيير بعض كلمات من أبحاث الآخرين، وذلك بتغيير بعض جمل العمل الأصلي أو اتباع حجة العمل الأصلي نفسها.
-القص واللصق من الإنترنت، حيث أن المعلومات الموجودة على الإنترنت تكون أقل احتمالًا في أنها مرت بعملية مراجعة العلماء الأقران للمصادر المنشورة.
كيفية إبادة ظاهرة السرقة العلمية:
-في حالة الاقتباس الحرفي يجب الالتزام بوضع الكلام الذي تم اقتباسه بين علامتي تنصيص أو المسافة البادئة مع الاستشهاد المناسب، بحيث يكون واضحًا للقارئ أجزاء عمل الباحث الخاص من الأجزاء المأخوذة من أفكار ولغة شخص آخر.
-في حالة إعادة الصياغة لا بد من إعطاء صاحب النص الأصلي حقه بالإشارة إليه.
-في حالة الاستعانة بمعلومات من الإنترنت يجب مراعاة أن تكون المعلومات المستعان بها من الإنترنت مشار إليها على نحوٍ كافٍ ومدرجة في المراجع.
-الاهتمام بتوثيق المراجع أثناء عملية البحث العلمي.
-نشر عقوبات السرقة العلمية من قِبل الجامعة، وتعريف الطلاب بها، والتشديد على الالتزام باللوائح الخاصة بهذا الأمر من قِبل المؤسسة المختصة كالجامعة أو الكلية أو القسم.
-الإشارة بشكل دائم إلى عمل الآخرين، كالرسومات العلمية والبيانية والجداول، والإشارة إلى أفكارهم المقتبسة، وتوضيح انتساب ذلك العمل إليهم.
-توضيح حدود الاقتباس، وحدود استخدام الإنترنت من مقالات منشورة وغيرها، بحيث ألا تزيد في النصوص المكتوبة عن 10% أو ألف كلمة أيهما أقل، وتوضيح تلك الفقرات باستخدام الأقواس أو الخط المائل، إلى جانب ذكر المصدر والعناية بالتوثيق.
-صياغة ما قرأه الباحث بأسلوبه الشخصي وبفكره وفهمه المستقل بعيدًا عن نقله كما هو، ووضع تعبيرات ومفردات من قاموسه الشخصي، وهذا في الواقع يتوقف على الاستيعاب الكامل والفهم الصحيح لما يقرأ.
-اهتمام المؤسسات الأكاديمية بتحديد موضوعات البحوث للطلاب في وقت مبكر، حتى يتسنى للطلاب التعمق في البحث والقراءة وفرز المعلومات وتحليلها ووضع بصمتهم المعرفية، حتى لا يقومون بمجرد جمع المعلومات وترتيبها فقط.
-تشجيع الطلاب على القراءة والاطلاع، وتنويع مصادرهم ومراجعهم، حتى يبتعدوا تدريجيًا عن مجرد القص واللصق من المجلات والمقالات المنشورة إلكترونيًا.
-الإبداع والابتكار من جانب الأستاذ الجامعي، والعمل على وضع عناوين جديدة للأبحاث بشكل دائم ومستمر، بحيث يَصعب تداولها وتنقلها بين الطلاب أو بيعها وشرائها.
-يجب على المسؤولين إلقاء الضوء على تلك المشكلة المتفشية بكثرة، والحد من انتشارها، والعمل على تجنب وقوعها، ونشر الوعي الثقافي والأدبي في الأوساط العلمية حفاظًا على مستقبل التطور العلمي والحضاري.
-يجب التوجه إلى التوعية الدينية والأخلاقية بجانب الإجراءات القانونية المتخذة من قِبل الدولة والمؤسسات العلمية للحد من انتشار تلك الظاهرة.
-نشر الوعي الثقافي الذي يعمل على تعليم الطالب والباحث منهجية البحث العلمي، والتركيز على الالتزام بذكر المصادر والمراجع وإحالة الأفكار إلى أصحابها بكل أمانة، وتوثيق ذلك في هوامش العمل البحثي.
-التزام المؤسسات العلمية والأكاديمية بتنفيذ وإيقاع العقوبات، وعدم التراخي في ذلك الأمر تحت أي ظرفٍ من الظروف.
-نشر ثقافة الأمانة العلمية والنزاهة الأكاديمية بين الطلبة من خلال تنظيم الندوات والمؤتمرات وورش العمل، لا سيما تلك التي تتطرق لمواضيع حقوق المؤلف والأمانة العلمية، ولفت انتباه الطلبة إلى العقوبات المفروضة على حالات السرقة العلمية.
ماذا يحدث لو تم ضبط الطالب متهمًا بالسرقة العلمية؟
إذا ثبت أن الطالب قد قام بالسرقة العلمية، فقد يفقد جميع الدرجات المخصصة لواجب هذا المقال أو قد يرسب في المقرر ككل أو قد يتم طي قيده في الجامعة، ويمكِن أن تكون عقوبة السرقة العلمية قاسية جدًا، فبعض الأساتذة ربما يعطون الطالب فرصة أخرى إذا تم ذلك عن غير قصد، ولكن الشيء الأكيد هو أن كثيرًا من الأساتذة صارمون في هذا الصدد ولا يَقبلون أي عذر، فقد يفصلون الطالب من الجامعة، أو يرسلون له إنذارًا موسميًا، أو يلزمونه بإعادة كتابة الواجبات السابقة كافة، أو يجعلونه يرسب في المقرر، أو يطوون قيده لفصلٍ أو أكثر، أو يجعلون الأساتذة والطلاب الآخرين يفقدون احترامهم له، أو يجعلونه يَرسب في الواجب المقدَّم، وأن أن يجعلونه يعيد بعض المقررات.